كيف ساهم الفساد في الانحدار الخطير للتعليم العالي في العراق؟

يعاني نظام التعليم في العراق من شلل في الكثير من المناطق ومن أكبر تدمير للبنية التحتية والمؤسسات الأكاديمية فيه. وقد قدر علماء الأمم المتحدة أنه "بعد عام 2004 كان هناك نحو 84% من مؤسسات التعليم العالي في العراق قد تعرضت للحرق أو النهب أو التدمير"، ولا تزال العديد من الجامعات اليوم متأثرة بانقطاع التيار الكهربائي ونقص المعدات والموارد. لكن المعاناة الأكبر تتأتى من وصول مستوى الفساد في التعليم إلى مستويات غير مسبوقة.

أوضاع الجامعات

عدم كفاية البنية التحتية

يوجد حالياً في العراق أكثر من 100 جامعة حكومية وأهلية (خاصة) موزعة على 18 محافظة، 40 منها جامعة حكومية و66 جامعة أهلية معترف بها، منها %48 في بغداد، 10% في كربلاء (معظمها دينية). أمّا في محافظات كبيرة مثل نينوى والأنبار وصلاح الدين فتبلغ نسبة الجامعات 1% فقط، وفقاً لما ورد في خطة التنمية الوطنية 2018 – 2022. تقدم هذه الجامعات العامة والأهلية برامج البكالوريوس والدراسات العليا لنحو 900 ألف طالب سنوياً، وتخرج نحو 180 ألف طالب كل عام.

وتعاني الجامعات العراقية من عدم كفاية البنية التحتية والتسهيلات في المختبرات والمكتبات، وعدم كفاية المعدات في كليات الهندسة والعلوم والمعاهد الفنية، ومن ضعف العلاقة بين التعليم العالي وخريجيه وسوق العمل. لكن الطامة الكبرى تبقى في استشراء الفساد في هذه الجامعات على كافة الأصعدة.

تدني نسبة الالتحاق

وقد شهد التعليم العالي في العراق توسعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، مع زيادة بنسبة 25% في معدل الالتحاق بالجامعات الحكومية. رغم ذلك، فإن نسبة التحاق العراقيين ممن هم في سن الجامعة تصل إلى نحو 19% فقط، وهي نسبة منخفضة مقارنة بالبلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ حيث تصل هذه النسبة إلى 32% في تونس، و34% في الأردن، و39% في المغرب.

نقص التمويل والاستعداد

تبلغ الميزانية المخصصة للتعليم في العراق نحو 7 مليارات دولار، لكن أكثر من 70% من هذا المجموع يذهب إلى التعليم الابتدائي والثانوي وليس التعليم العالي. وبالرغم من أحقية هذا التوزيع، تبقى الحقيقة أن ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لا تشكل سوى 1 إلى 2% من الميزانية الوطنية.

علاوة على ذلك، يتم إنفاق معظم هذه الميزانية الضئيلة على دفع رواتب موظفي الوزارة من المعلمين والإداريين، دون أي استثمارات إضافية في التعليم. مع هذه الموارد الضئيلة، لن يستطيع القطاع تحسين بناه التحتية وتحديث مرافقه وتطوير مناهجه وكل ما يستلزمه من استثمارات. ووفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي، فإن البنية التحتية للتعليم العالي في العراق غير مهيأة على الإطلاق لدمج الطلاب الوافدين، كما أنها لا توفر التدريب المناسب لأعضاء هيئة التدريس.

العراق خارج التصنيفات الدولية للتعليم

أصبحت الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد في العراق خارج التصنيفات الدولية. وفقاً لتصنيف QS للجامعات العالمية الصادر في عام 2022، لم تُصنف أي جامعة عراقية ضمن الـ100 الأوائل في العالم. وفي تصنيف شنغهاي لعام 2021، لم تظهر أي جامعة عراقية ضمن الـ100 الأوائل عالمياً. كذلك، أعلن تصنيف دافوس لعام 2022 خروج العراق من مؤشرات جودة التعليم. أما في تصنيف ويبومتريكس الأخير الذي صدر في يناير 2023، فقد تم تصنيف جامعة بغداد كأفضل جامعة في العراق بالمركز 1779 عالمياً، تلتها جامعة الموصل بالمركز 2706 وجامعة النهرين بالمركز 2816، وهي مراكز تُعد متأخرة جداً.

الفساد وآلياته

تظهر آليات الفساد في التعليم العالي على كافة المستويات وفي شتى المجالات، ومنها:

  1. الرشوة والواسطة: الواسطة والرشوة شائعتان، حيث يدفع الأفراد غالباً رشاوي لتأمين المناصب داخل المؤسسات التعليمية أو للتأثير على القرارات المتعلقة بالقبول، والترقيات، وتأمين الإمدادات، والخدمات.
  2. الموظفون الوهميون: توجد حالات من "العمال الوهميين" في قطاع التعليم، حيث يتلقى الأفراد رواتب دون أن يعملوا فعلياً وذلك بسبب الممارسات الاحتيالية في إدارة الرواتب.
  3. تغيير أو تسريب أسئلة الامتحانات: حيث تتسرب أوراق الامتحان أو يتم تغييرها، كما يُسمح للطلاب بالغش مقابل رشاوي.
  4. شراء الدراسات والأطروحات: انتشرت داخل العراق المكاتب التي تتولى إعداد الرسائل والأطروحات المحلية وتقديم البحوث الجاهزة للجامعات التجارية نيابة عن الطلبة، مدعومةً بتشجيع بعض المشرفين لطلابهم على الاستعانة بهذه الوساطات.
  5. فرض نسب نجاح عالية على المدرسين: تداولت وكالات أنباء عراقية محلية وثيقةً أصدرتها الوزارة موجهة إلى الجامعات العراقية، نصّت على أن "وزير التعليم وافق على مقترحات بشأن التدريسيين الجامعيين ممن انخفضت لديهم نسب النجاح، وأن يتم توجيه استفسار من قبل عميد الكلية إلى الأستاذ الذي تكون نسبة نجاح طلبته أقل من 30%". وقد انتقدت الأوساط الاكاديمية بشدة قرار وزارة التعليم العالي بفرض نسب نجاح عالية على الأساتذة الجامعيين، وتهديدهم بالإحالة إلى لجان تحقيق في حال عدم تطبيقهم لتعليمات الوثيقة.
  6. تراجع الحريات الأكاديمية وتغيير مستمر للعمداء ومدراء الكليات: أدى تراجع الحريات الأكاديمية وتدخل الحكومة في تعيينات أعضاء هيئة التدريس والتأثيرات الأيديولوجية على المناهج الجامعية إلى تقويض نزاهة المؤسسات الأكاديمية في العراق. ومؤخراً، أخذت الأحزاب السياسية قراراً بتغيير عمداء الجامعات والأقسام لصالح منفذي أجنداتها السياسية.

نموذج الحشد الشعبي ودخول الجامعات

أعلنت قوات الحشد الشعبي - مظلة الميليشيات العراقية المرتبطة بالأحزاب الموالية لإيران - أن ألفين من أعضائها سيتمكنون من الالتحاق بالجامعات العامة بمعزل عن مستواهم العلمي وعن تحصيلهم للشهادة الثانوية (إلا إذا تم تزويرها) وفي تبعية مباشرة للنفوذ السياسي لقواتهم.

الرقابة الذاتية خوفاً من التهديد والاغتيالات

وهنا لا بد من التذكير بالتهديد والاغتيالات التي جرت خلال الفترة 2003-2006، إذ سجلت وزارة التعليم العالي تقارير عن اغتيال 154 أستاذاً جامعياً، وشهدت بغداد أعلى معدل للاغتيالات، إذ بلغت نحو 44% من إجمالي حوادث اغتيالات الأكاديميين. كما ارتفعت نسبة اغتيال الطلاب إلى أكثر من 5% من إجمالي الاغتيالات. ومثالاً على ذلك، تعرّض مساعد العميد في إحدى أكبر الجامعات العراقية للتهديد، ثم للضرب والسجن على يد ضابط شرطة دون أي عواقب وذلك لمدة عامين. لقد ترك فشل الحكومة في حماية أعضاء هيئة التدريس من قوات الأمن التابعة لها آثاراً مدمرة على البيئة الجامعية ودفعت بالمدرسين والطلاب إلى ممارسة الرقابة الذاتية منذ ذلك الوقت.

نمو غير مسبوق للتعليم الأهلي وسيطرة الأحزاب عليه

شهد العراق بعد عام 2003 ارتفاعاً كبيراً في عدد الجامعات الأهلية بنسبة أكثر من 500%، حتى بلغت مؤخراً 86 جامعة أهلية في آخر إحصاء. وتضم هذه الجامعات أكثر من 570 قسماً في اختصاصات الطب والهندسة والعلوم الإنسانية. في عام 2022، شكّل القطاع التعليمي الخاص ما نسبته نحو 20% من مجمل الخريجين، وتوزّع بين 107.854 طالب في الحكومية و27.368 في الأهلية. وهذه النسبة في ارتفاع مضطرد.
وقد أغرى التعليم الخاص الأحزاب والمليشيات بالسيطرة على التعليم الجامعي الأهلي، فبدأت ظاهرة تكاثر الجامعات والكليات الخاصة، التي صارت واحدة من مصادر تمويل تلك الجهات الخاصة. وعلى أثر هدف الربحية الوحيد، تدهورت بسرعة جودة التعليم في وأخرجت العراق عام 2021 من مؤشرات جودة التعليم العالمية، مع كل من اليمن وسوريا، وليبيا، والصومال والسودان.

إن نمو سوق الدراسة الخاصة هو ما جعل مليشيا "عصائب أهل الحق" تختار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، قسيمةً لها ضمن حصص الحكومة الحالية. وبهدف استقطاب الموالين، تقدم الأحزاب والمليشيات تسهيلات دراسية للطلبة الذين يشاركون في الفعاليات السياسية، ويصوتون للجهة التي تملك تلك الجامعة.

من ناحية أخرى، قررت الحكومة العراقية، إيقاف استحداث كليات المجموعة الطبية في الجامعات الأهلية في البلاد، بعد أن خرّجت دفعات كبيرة من الطلاب غير مؤهلين لممارسة المهن الطبية، وهو ما يشكل خطرا على حياة المواطنين. كما أنه هناك قرابة 50 كلية طب أسنان و50 كليات صيدلة امتلأت بالطلبة مما دفع نقابات الأطباء وأطباء الأسنان والصيدلة إلى إلغاء التعيين للخريجين بسبب تدني مستواهم المهني.

تزوير الشهادات داخل وخارج العراق

هناك الآلاف من الطلبة مشكوك في صحة صدور وثائقهم الدراسية: من بين 44 شهادة معادلة صادرة من دولة قطر كانت هناك 41 شهادة منها مزورة وثلاثٌ فقط صحيحة، "وبلغت نسبة التزوير في الشهادات الصادرة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية قرابة 99 في الـ100". وبعد فضائح الشهادات المزورة الصادرة عن الجامعات الإيرانية، قرّر العراق حذف 27 جامعة إيرانية من قائمة الجامعات التي كان يعترف بشهاداتها.

أما داخل العراق، فقد أعلنت هيئة النزاهة عن أرقام مخيفة حول حجم التزوير الحاصل في الدولة العراقية، مع تهميش أصحاب الشهادات العليا والمتفوقين من الطلبة وهجرة مئات الآلاف منهم خارج البلاد. وقد ازدادت هذه الظاهرة خطورةً بظهور الكليات الأهلية وتكاثرها، وبات التعليم الأهلي من دون ضوابط، بحيث أصبح الحصول على الشهادة متاحاً لأيّ شخص لديه ما يكفي من موارد مالية.

تعديل قانون معادلة الشهادات

والجدير بالذكر أن العراق قد أقر قانون 2020 الخاص بأسس معادلة الشهادات وهو قانون يعاني من ثغرات كثيرة وضبابية مقصودة ، منها على سبيل المثال لا الحصر:

أتاح للوزارات احتساب جميع الشهادات السابقة الصادرة قبل تاريخ إقرار القانون لكل الموظفين على مدى السنوات الأربعة الماضية، ونتج عن ذلك احتساب مئات الشهادات.

منح الأمانة العامة لمجلس النواب الحق بمعادلة الشهادات الصادرة عن معهد التطوير البرلماني خلافا لما تكرسه المادة 47 من الدستور العراقي بالعمل بمبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية.

يجرد القانون وزارة التعليم العالي من اعتماد مبدأ التقييم العلمي في منح الألقاب.

لقد تم تفصيل القانون على مقاس المسؤولين إذ أنه يتيح لأعضاء البرلمان والوزراء إمكانية الحصول على شهادات دون القيود السابقة التي تمنعهم من ذلك، إذ يكفيهم نص رسالة يؤكد على إكمالهم الدراسة دون موافقة لجنة علمية لأطروحة الماجستير أو الدكتوراه.

لبنان مركز "غسيل" للشهادات الجامعية المزيفة

اشترى طلاب عراقيون من ثلاث جامعات لبنانية ما يقرب من 27 ألف شهادة جامعية مزورة، بأسعار بلغت في المتوسط ​​5000 دولار لدرجة الماجستير و10 آلاف دولار للدكتوراه. وكشفت لجنة التربية والتعليم أن تسعة من كل عشر درجات علمية حصل عليها طلبة الدراسات العليا خارج العراق منذ عام 2003 كانت وهمية أو مزورة.

وقد ثارت الشكوك حول تحول لبنان إلى مركز لـ"غسيل الشهادات المزورة" على مستويين: الأول يتعلق بقبول شهادات ثانوية مزورة صادرة في بغداد ومصدقة في بيروت، والآخر يتعلق بمنح شهادات التعليم الجامعي والعالي دون حضور الطلاب إلى الفصول الدراسية، مقابل مبالغ مالية.

بدأت القصة في العراق، عندما اكتشفت الأحزاب الشيعية التي تولت السلطة بعد عام 2003، أنها لا تملك طواقم إدارية مؤهلة بما يكفي لتولي مناصب حكومية متقدمة. وتوافقت مصالح العراق مع مصالح القوى المؤثرة في لبنان التي كانت تحاول تعظيم الموارد التعليمية ضمن اتفاق بين البلدين سمح بتسليم النفط مقابل خدمات طبية وتعليمية. وهكذا تدفّق الطلاب العراقيون إلى لبنان، مما فتح المزيد من فروع الجامعات اللبنانية، وأنشأ فروعاً أخرى خصيصاً لهذا الغرض، فيما نشأت شبكة من السماسرة العراقيين في بيروت للتعامل مع المعاملات الورقية غير القانونية.

وأشار المصدر إلى جامعتين مقربتين من حركة أمل وحزب الله (حليفتا إيران في لبنان، ومنهم الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم، والجامعة الإسلامية وجامعة الجنان)، استقطبت العدد الأكبر من الطلبة العراقيين ومنحتهم -خلال فترة عامين- شهادات في الدراسات العليا والدكتوراه تجاوزت مجموع الشهادات الصادرة في عموم البلاد في تلك الفترة من الزمن، مما أثار الشكوك.

عام 2021 أحالت الحكومة العراقية الملحق الثقافي في سفارتها في لبنان إلى التحقيق، بعد أن بلغ عدد الشهادات الصادرة للطلاب العراقيين سنة 2020 في لبنان قرابة 27 ألف شهادة. في العام نفسه، علّقت وزارة التعليم العراقية الدراسة في ثلاث جامعات لبنانية هي: الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم، الجامعة الإسلامية في لبنان، وجامعة الجنان، لأنها بحسب الوزارة "لم تلتزم بمعايير الرصانة العلمية".

كما اعتقلت قوات الأمن اللبنانية أمل شعبان التي اوقفت بجناية تقاضي الرشاوى وجنحة الإثراء غير المشروع في وزارة التربية للتحقيق في شبهات فساد في معادلة شهادات الطلاب العراقيين. وبعد نحو 20 يوماً، تم إطلاق سراح أمل شعبان، رئيسة دائرة المعادلة في الوزارة، ليتم إبلاغها بفصلها من عملها بقرار وقعه وزير التربية عباس الحلبي. وهناك حاليا ضغوط سياسية لإعادتها إلى منصبها.

في المقابل، تقول مصادر عراقية مطلعة على التحقيقات، إن بيروت تحولت إلى مركز لـ"غسل الشهادات"، حتى بالنسبة للشباب العاديين غير المنتمين إلى أحزاب سياسية.

وفي الوقت نفسه، ظهرت شبكة من الوسطاء العراقيين في بيروت لتسهيل "الأعمال الورقية". ويتمتع بعضهم بغطاء سياسي من أحزاب إطار التنسيق الشيعي الموالية لإيران في العراق ويعملون في لبنان. وقال مصدر موثوق في وزارة التربية العراقية إن مهمتهم كانت تمرير شهادات ثانوية مزورة أحضرها طلاب عراقيون لمعادلتهم في بيروت تمهيدا لقبولهم في الجامعات العراقية.

الكثير من أصحاب القرار في الدولة هم أيضاً أصحاب شهادات مزورة

إن غالبية العراقيين الذين تقدّموا بطلبات معادلة الشهادات والالتحاق بالجامعات اللبنانية هم موظفون في مؤسسات الدولة العراقية. وقد تقدموا بطلبات المعادلة دون القدوم إلى لبنان مقابل مبالغ مالية ضخمة، حيث أتاحت لهم هذه الشهادات الترقي في وظائفهم والاستفادة من زيادة كبيرة في رواتبهم.

كما تسجّل وزارة التعليم العالي سنوياً ما يقترب من 50 ألف شهادة ماجستير ودكتوراه، معظمها تُمنح لأشخاص يدرسون في جامعات خاصة، والوجهة الأسهل للحصول على لقب علمي هي إيران ولبنان.

الكثير من المسؤولين والوزراء والنواب وأصحاب الدرجات الخاصة يحملون شهادات مزوّرة، ويتمتعون بامتيازات الشهادة حتى حين يتم الكشف عن تزويرها. كما بيّنت منظمة التعليم العالمي - وهي منظمة دولية لها مقر في بغداد - أن الكثير من المسؤولين والوزراء والنواب وأصحاب الدرجات الخاصة يحملون شهادات مزوّرة صادرة من جامعات معروفة أو غير معروفة، ويتمتعون بامتيازات الشهادة حتى حين يتم الكشف عن تزويرها.

وقد كان وزير التعليم العالي والبحث العلمي ناطقاً باسم مليشيا عصائب أهل الحق، وهو يحمل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وماجستير في حقوق الإنسان من الجامعة الإسلامية في لبنان، كذلك الأمر بالنسبة لفائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى، وحميد الغزي، أمين عام مجلس الوزراء.

يعوق الفساد في التعليم أي مسيرة للتقدم في المجتمع العراقي، إذ لن يزدهر اقتصاده إلا من خلال جودة تعليمه، ولا تبنى الكفاءات وتصقل المهارات إلا بها، ولا تتحقق التنمية المستدامة من دونها.

ويتبين بوضوح أن الحكومات العراقية لم تحافظ على الحد الأدنى من معايير التعليم العالي مما سيرتب نتائجاً مقلقة على مستقبل العراق. كما يبدو ظاهراً أن إهمال الحكومات المتعاقبة للقطاع التعليمي هو متعمد لأنه مخترق بالفساد ويغلبه منطق المحاصصة. اليوم لا يندرج القطاع التعليمي في مشروع وطني نهضوي، بل أنه بالإمكان القول إن هذا الفساد المستشري في الجامعات يعتبر واحداً من أهم أساليب تفتيت الدولة والمؤسسات، وتدمير الرأسمال البشري لدى الشعب العراقي.

Previous
Previous

تسعة وأربعون بالمئة من سكّان الكويت لا يطالعون الكتب

Next
Next

أطفال العراق والمستقبل المجهول... هكذا يفاقم الفساد أزمة التسرّب المدرسي