تسعة وأربعون بالمئة من سكّان الكويت لا يطالعون الكتب

قراءة الكتب، هذه الهواية المجيدة التي بجّلها العديد من المفكّرين والأدباء والعلماء منذ القِدم، ما حصّتها الآن من يومياتنا؟ وهل صحيح ما يوصف به الشعب العربي بأن معدّلات القراءة لديه هي الأدنى مقارنة بالمستوى العالمي؟ في استطلاع للرأي قامت به شركة آراء للبحوث والاستشارات في الكويت في يوليو 2024 على عينة مؤلفة من 500 مواطن ومقيم تزيد أعمارهم عن 18 سنة حول قراءة الكتب تحديدًا دون الجرائد والمجلات، تبيّن أن 49% من العينة لا يقرأون الكتب، مقابل 12% يقرأون الكتب كثيرًا و38% يقرأون الكتب نوعًا ما.
وفي النتائج المفصّلة للّذين "يقرأون الكتب كثيرا" حسب الشرائح الديموغرافية والاجتماعية المختلفة، نجد أن النسبة لدى الإناث (15% منهن) أعلى مما هي لدى الذكور (11% منهم)، وأعلى أيضًا لدى من تزيد أعمارهم عن 55 سنة (16% منهم) مقارنة بالفئات العمرية الأصغر؛ 13% لدى من تراوحت أعمارهن بين 35-55 سنة، و 10% لدى من تراوحت أعمارهم بين 18-34 سنة. كما سجّل الكويتيون الذين "يقرأون كثيرًا" (15% منهم) نسبة أعلى من المقيمين العرب (9% منهم)، ويفسّر ذلك باشتمال العينة على العمالة العربية ذات المؤهلات العلمية المتدنية. من جانب آخر، ترتفع نسبة الذين "يقرأون كثيرا" لدى الشريحة التي لا تعمل؛ كالطلاب والمتقاعدين وربّات المنازل (16% منهم) مقارنة بالموظفين (11% منهم). وترتفع كذلك لدى الجامعيين (16% منهم) مقارنة بذوي المؤهلات العلمية الأدنى كحملة الشهادة الثانوية (9% منهم) والمتوسطة أو أقل (4% منهم).

رائحة الورق أم عملانية الشاشة؟

56% من الذين "يقرأون كثيرا" و "نوعا ما" ما زالوا يفضّلون قراءة الكتب الورقية (64% من الكويتيين – 48% من المقيمين العرب)، ربما لما يحمله الورق من جماليات عند تصفّحه وفي رائحته، في حين فضّل 31% القراءة في نسخة إلكترونية (تابليت، كندل، تلفون ...)، ربما لما توفره الشاشة من عملانية وخفة وزن. اللافت للانتباه أن من تزيد أعمارهم عن 55 سنة هم الأكثر تفضيلا لقراءة الكتب بالنسخة الإلكترونية (39% منهم) بسبب إمكانية تكبير الخط على الأرجح، مقارنة بـ 23% لمن تراوحت أعمارهم بين 18-34 سنة. أما الذين يجدون أن متعة القراءة واحدة أكانت على الورق أم على الشاشة ولا يفاضلون بينهما، فنسبتهم 12%.

تراجع وتيرة المطالعة لدى الغالبية

بالمقارنة مع فترة سابقة من حياتهم، ذكر 56% من الذين "يقرأون كثيرا" أو "نوعا ما" أنهم في الفترة الحالية يقرأون أقل من السابق (52% من الكويتيين – 61% من القيمين العرب)، مقابل 23% ذكروا أنهم يقرأون الآن أكثر، في حين ذكر 19% أنهم ما زالوا يقرأون بنفس الوتيرة.
حاليًا، أعرب 45% من الذين "يقرأون كثيرا" أو "نوعا ما" أن كتابًا بين أيديهم يقرأونه اليوم، في حين ذكر 35% أن آخر كتاب قرأوه كان خلال الثلاثة أشهر الأخيرة، وذكر 6% أنه كان من ثلاثة إلى ستة أشهر. أما الباقون (12%)، فقد مضى نصف عام أو أكثر على آخر كتاب قرأوه.

أنواع الكتب المفضّلة للقراءة

تتصدّر "الكتب الدينية" قائمة أنواع الكتب المفضّلة (32%) وقد برز تفضيلها بوضوح لدى الفئة العمرية الأكبر سنًا، أي الذين تزيد أعمارهم عن 55 سنة (67% منهم) مقارنة بالفئات العمرية الأصغر؛ 19% لمن تراوحت أعمارهم بين 18-34 سنة، و37% لمن تراوحت أعمارهم بين 35-55 سنة. "الروايات الاجتماعية والعاطفية" حلّت كثاني أنواع الكتب المفضّلة (27%)، وبرز تفضيلها لدى الإناث (42% منهن) بفارق كبير عن الذكور (16% منهم). "الكتب السياسية والتاريخية" أتت في المرتبة الثالثة (25%)، وانعكس تفضيلها جندريًا عن الروايات إذ فضّلها 32% من الذكور مقارنة بـ 16% من الإناث. رابعًا حلّت "الكتب العلمية" (17%) التي فضّلها على الأخص الفئة العمرية الأصغر من الذين تراوحت أعمارهم بين 18-34 سنة (21% منهم)، في حين لم يستهوِ هذا النوع سوى 4% من الفئة العمرية الأكبر سنًا، أي 55 سنة وما فوق. باقي أنواع الكتب المفضّلة لم تتخطَّ كل منها نسبة الـ 10%؛ "التربية والصحة النفسية" (9%)، يليها كل من "الاقتصاد والأعمال" و "الأدب والشعر" (8% لكل منهما)، ومن ثم "تطوير الذات" وكتب "الخيال العلمي" (4% لكل منهما)، وفي آخر القائمة "القصص البوليسية" و"الفلسفة" (3% لكل منهما).

قلّة الوقت تُبقي الكتب على الأرفف

قرابة نصف العينة (49%) لا تقرأ الكتب، وعند سؤالهم عن أسبابهم لعدم المطالعة ، أتت "قلّة الوقت" في طليعة الأسباب بالنسبة للغالبية (53%) من جرّاء ضغط العمل أو المسؤوليات العائلية، لاسيما لمن هم دون الـ 55 سنة؛ 56% لمن تراوحت أعمارهم بين 35-55 سنة، و54% لمن تراوحت أعمارهم بين 18-34 سنة. "تفضيل الترفيه" حلّ ثانيًا وبفارق كبير (18%)، إذ تغلّبت وسائل التواصل الاجتماعي ومشاهدة التلفزيون على الكتب، وبرز ذلك أكثر لدى الذكور أكثر من الإناث (ذكور 21% منهم - إناث 12% منهن). "عدم الاستمتاع بالقراءة" وتصنيفها خارج الهوايات المحبّبة أتى ثالثًا (11%)، وكان أكثر بروزًا لدى الفئة العمرية الأصغر 18-43 سنة (15% منهم) مقارنة بـ 9% لمن هم بين 35-55 سنة وصفر% لمن تزيد أعمارهم عن 55 سنة. من ناحية أخرى، أعرب 15% من الإناث و9% من الذكور أنهم لا يحبّون القراءة. من الأسباب الأخرى غير المشجعة أو المعوّقة على القراءة وجميعها سجّل نسبًا أقل من 10%؛ "تفضيل أنشطة أخرى" (6%) كممارسة الرياضة أو الفنون أو الاجتماعيات، تلتها "الأسباب الصحية" (4%) التي قد تفقد المرء الاستمتاع بالقراءة كضعف النظر وأوجاع الرأس وضعف القدرة على التركيز (21% لدى من تزيد أعمارهم عن 55 سنة)، ثم "البيئة الثقافية" (3%) خصوصًا إن نشأ الفرد ولم يرَ من حوله أحدًا يقرأ، وأخيرًا كانت الأمّية وعدم التعلّم السبب القاسي لـ 2% ممن لا يقرأون.
Previous
Previous

هل "العودة إلى المدرسة" فترة يخشاها الأهل أم ينتظرونها؟

Next
Next

كيف ساهم الفساد في الانحدار الخطير للتعليم العالي في العراق؟